المشهد الأخير ... قوة أم عدم إحساس ؟!!!

من حوالى شهر أو أكتر جالى خبر وفاة جدتى هى عمة بابا بس تعتبر أمه من الرضاعه ولأنى كنت قبلها باسبوعين على الأكثر عندها بالمستشفى فمازلت متذكره هذا المشهد بكل تفاصيله .. ولأنها لم تكن مريضة بالمعنى سوى أنها كانت وقعت على رجلها وكانت ستجرى عمليه لتركيب مفصل .. وبارغم من حزنى لكن لم تنزل دمعة من عينى ..! ولم أذهب الى العزاء وعندما سألنى أبى قلت ماليش فى الجو ده !!!

امبارح وللتحديد ولتذكر هذا التاريخ دائما يوم لم أكن أتخيل فى بيوم انى سأقف هذا الموقف فقد استيقظت على تليفون بنت بنت خالتى تسأل عن أمى لأنهم أخبروها من بيت - تيته - أنها مريضه جدا وكانت أمى لسه داخله فأخبرتها فقالتلى أنا كنت لسه عندها امبارح كانت كويسه ..
فطرت أمى ونزلت وكنت قد قررت أنا وأبى انى مش هروح الجامعه ولا هو هيروح المدرسه لأن شكل الموضوع ميطمنش ..
ولأننا دائما نقول هذا الكلام فليس فى خيالى شئ .. مجرد هزار ...
فى وقت لم يتعدى ساعه من خروج أمى وعرفنا أن - تيته - قد أانتقلت الى الرفيق الأعلى .. لم أستوعب هذه الكلمه وذهبت مره أخرى الى المطبخ لأكمل ما أفعله ...!
لبس أبى وهو خارج جه يسألنى اذا كنت عاوزه حاجه قلت شكرا كأنه رايح مشوار عادى .. ولكن عندما طبطب عليا بدأت أشعر بما حدث وبعد أن خرج انهمرت الدموع من عينى لم أعرف من اين جاءت ...!
فى خاطرى - يعنى خلاص معتش هشوفها دى هى اللى مربيانى - كنت لما بناديلها بدلعها وأقولها ازيك يا تاتو خلاص معتش هقولها

انهيت ما أفعله ولبست عبائتى السوداء - أنا طبيعى بلبس أسود - وخرجت .. طول مانا ماشيه فى حاجه جوايه مش مصدقه ... وعندما وصلت الى الشارع قبله بخطوه قلت لأ أنا هروح مش هلاقى حاجه وهتكون قاعده عادى كانت فى غيبوبه وفاقت ومفيش حاجه حصلت ..!
دخلت الشارع ورأيت أبى وخالى ومجموعة من القرايب واقفين أمام البيت .. وسمعت صوت امرأه لم أفهم ما تقول ولكنى لا أريد أن أسمع هذه الأصوات ... عندما اقتربت من أبى قلت مين اللى بتزعق دى قالى أختها .. ذهبت عندها وقلت أقعدى ساكته بطلى صويت ولكنها لا تستجيب لأحد .. وهى أيضا امرأه عجوز لا أود أن أرفع صوتى عليها ...!
دخلت واذا بوجوه دامعه على الباب وبعدها عندما دخلت البيت وأنا فقمة قواى وكأن شئ لم يكن .. لم أتوجه الى أمى التى كانت منهارة من البكاء ولكنى توجهت الى خالتى لصوتها العالى وكلامها .. واذ بى اهديها وكل ما تتكلم أقولها بس اهدى تسكت شويه وتعود مرة أخرى فتركتها وتوجت الى أمى وأخذتها فى حضنى وأنا متماسكه تماما وجلست بجانبها فاذا بها تقول لى قومى شوفى نينتك قلت بلاش عشان المنظر ده هيفضل معلق معايا ولكن كان باب الغرفه مفتوح ورأيت رجليها وهى نائمه تحت البطانيه ...
بدأ يزيد قدوم الستات فقالوا لى قومى من هنا اللى يقولى روحى عند خالك واللى يقولى روحى واللى يقولى قومى هاتى مصحف وادخلى اقرئى عندها جوه لأن الكهرباء قاطعه ء
قمت وماما بتقولى هتعملى ايه قولتلها مش عارفه ..! فإذ بى أذهب الى شقة خالى وأطلب المصحف وابنه خالى تسألنى انتى اللى هتقرى ؟!! لم أنطق بل قمت بارد عن طريق الاشاره .. هتقدرى ؟!! أذخته وذهبت الى الغرفه من دون أن أنظر لأحد وافتح الباب والمفاجأه لى اننى لم أشعر بشئ وكأن عينى متعوده على هذا المشهد فقط شعرت براحه !!!
بحثت عن سورة يس ووقفت بجانب رأسها وبدأت فى القراءه .. قد توقفت أكثر من مره عندما كان يخنق صوتى وتنهمر الدموع من عينى وأسرع فى مسحها كى لا يراها أحد وأستعيد قواى مره تلو مره وصوتى يرتفع فى القراءه ... وها قد جاءت المغسله ودخل خالى الأصغر لكى يبوسها للمرة الأخيره .. لم أرد أن أركز فى وجهها فكنت أنظر فى أى اتجاه أخر .. وانهيت القراءه ثم أخرجونى لكى يبدئوا عمليه الغسل .
قد كنت تركت الشقة وذهبت الى شقة خالى الأكبر لكى أعطى لهم المصحف وجلست هناك ... وبعدها بفتره قليله جاء ابن خالى وهو ماذال فى تانيه ابتدائى .. عندما دخل قال هو ميتم مين ده ؟
قلتله روح عند نينتك اجرى العب هناك ولم أره بعدها ... جاءت بنت خالتى من المدرسه وهى فى سته ابتدائى وعيناها حمراء قد كانت عرفت من مدرسه فى المدرسه ... جاءت بنت خالى من المعهد - أزهر - بعد أن جاءت الكهرباء وزاعوا وقد كانت سمعت عندما دخلت رمت بشنطتها وبدأت فى البكاء وكن قد اكتشفنا ان ابن خالى لم يخرج ولكنه دخل الغرفه وفى زاوية السرير ويبكى شديدا ..!
ولم يكن على الا أن أكون بجانب هؤلاء الأطفال وبدأت أن أهزر وأضحك معهم والحمد لله قد أخرجتهم من هذه الحاله ..!
قبل العصر وقد انتهى الغسل ظهرت أصوات وعرفنا أنها ستخرج .. بنت خالتى وبنت خالى الكبيرة هما فقط اللى مازالتا موجودتين والباقى تم ابعادهم عن البيت ... بنت خالى " مش عاوزه أشوفها وهى خارجه " .. بنت خالتى " عاوزه أشوفها وهى خارجه " وكلتاهن منهارتين من البكاء ...! تشوفى مين أقعدى لا مينفعش .. ولم أرها أنا .
خرجت وقد كانت ذهبت أمى الى المسجد مع بعض النساء ... فذهبت بعدها بقترة قصيرة . وصلينا وانتهى ..
ولكننى لم أرجع البيت الا مع أمى . ولم أفعل أى شئ فقد ذهبنا للنوم ... ولكن من ينام فلم أنم وظللت أبكى وحيده و لم أرد أن أحد يرى دموعى..!

لقد كان يوم ملئ بالأحداث التى تحدث لى لأول مرة ولكنه مر سريعا .
فلأول مرة أرى ميتا على الطبيعة بل وأجلس بجانبه ...!
لأول مرة أصلى صلاة الأموات بالرغم انها كانت تحدث كثيرا فى الحرمين ولكنى لم أكن أعرف كيف تصلى ...!
لأول مرة أرى خالى يبكى .. وخالتى أيضا ..!
لأول مرة أعيش مثل هذه اللحظات فى حياتى
يااااااااارب متكتبهاليش أعيشها لحد عزيز عليا تانى .. الفراق صعب .


يارب انها امتك فاغفر لها وأرحمها وثبتها ... لقد رأت ظلما وعذابا شديدا .. وصبرت .
اللهم أغفر لها أخطائها وسهوها فإنها لا تعلم .
اللهم أدخلها فسيح جناتك

اللهم آمين